الثلاثاء، 27 مايو 2014

انتخابات نزيهة ورقابة أجنبية وإقبال دون المتوسط

انتخابات نزيهة ورقابة أجنبية وإقبال دون المتوسط


15563929-large


تشهد مصر منذ صباح امس 26 مايو، وحتي مساء غد 28 مايو 2014 ثاني استحقاقات خارطه المستقبل التي تبنتها ثوره 30 يونيو 2013 باجراء الانتخابات الرئاسية في مصر، والتي تنافس فيها مرشحان فقط، هما "عبد الفتاح السيسي"وزير الدفاع السابق، و"حمدين صباحي" زعيم التيار الشعبي.
تجري الانتخابات باشراف اللجنه العليا للانتخابات الرئاسيه التي ينتهي دورها نهائيًا وفق الدستور المصري الجديد 2014، ويحل محلها مفوضيه وطنيه مستقله للانتخابات يُتوقع تشكيلها بعد انتخابات البرلمان المقبل واستكمال بناء النظام السياسي في مصر.
ويشارك في الاشراف علي الانتخابات قرابه 16 الف من القضاه واعضاء الهيئات القضائيه، والتي ضمت 352 لجنه عامه و13900 لجنه فرعيه في جميع المحافظات المصريه، يتوزع عليها الناخبون في داخل مصر من كل المواطنين في سن التصويت (18 سنه فاعلي) البالغ تعدادهم 53 مليونًا و900 الف ناخب، بالاضافه الي 680 الف من المصريين بالخارجالذين سجلوا في قواعد الناخبين من بين قرابه 5 ملايين مصري ممن يقيمون خارج البلاد ويحق لهم التصويت بشرط التسجيل.
وتجري الانتخابات تحت رقابه وطنيه وعربيه ودوليه، ضمت مؤسسات حكوميه، من ابرزها الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي وجامعه الدول العربيه ومنظمه الكوميسا (دول شرق افريقيا) ومنظمه الدول الفرانكفونيه، وبضع منظمات مجتمع مدني دوليه، و86 منظمه اهليه، والمجلس القومي لحقوق الانسان في مصر، وذلك بتعداد قرابه 680 مراقبًا اجنبيًا و15 الف مراقب محلي.
وشكا العديد من جهات المراقبه المحليه والدوليه من التاخر في تسليم التصاريح وانهاء التحضيرات اللوجستيه.
شارك في تامين العملية الانتخابية قرابه ربع مليون شرطي و180 الف من جنود الجيش في ظل المخاوف من ارتفاع وتيره العمليات الارهابيه. ووُضعت 2500 سياره اسعاف وفرق الحمايه المدنيه علي اهبه الاستعداد.
  تجري الانتخابات علي جوله واحده فقط بدلاً من اثنتين، حيث لم يتاهل للترشح سوي المرشحين الاثنين المتنافسين وفقًا للشروط التي يستوجبها دستور البلاد الجديد، ويتوقع ان تعلن النتيجه النهائيه للانتخابات في موعد اقصاه 5 يونيو/ حزيران المقبل عقب حسم الطعون التي قد يتقدم بها اي من المرشحين.
وشهدت الاشهر السابقه علي الانتخابات جدلاً بشان تحصين قرارات اللجنه العليا للانتخابات الرئاسيه كقرارات قضائيه نهائيه لا يمكن الطعن عليها قضائيًا، وبينما ذهبت اراء قانونيه وسياسيه الي عدم جواز تحصين قرارات اللجنه وفق احكام دستور 2014، فقد ذهب الاتجاه الثاني نحو حصانه قراراتها باعتبار ان اراده المشرع الدستوري تنصرف الي قرارات المفوضيه الوطنيه للانتخابات التي ستتولي وفق الدستور الاشراف علي جميع العمليات الانتخابيه والتي من غير الممكن تشكيلها قبل انتخاب البرلمان.
كما شهدت جدلاً بشان مقترحات بعض مؤسسات المجتمع المدني بتاجيل اعلان النتيجه النهائيه حتي ينتهي الجهاز المركزي للمحاسبات من تقريره الرقابي بشان الانفاق الانتخابي، وضروره فرض عقوبه استبعاد المرشح المخالف قبل اعلان النتيجه النهائيه. وتتضاءل اهميه هذا الجدل في ضوء السياق الفعلي لمجريات الانتخابات، حيث لم ترد شواهد بشان مخالفه اي منهما للسقف المالي للحملات الانتخابيه.
جاءت فتره الحملات الانتخابيه ضئيله نسبيًا بالمقارنه باهميتها، وذلك علي صله برغبه السلطه الانتقاليه، وهي الرغبه المدعومه شعبيًا، بسرعه انجاز الاستحقاقات.
ويُسجل انه بينما كان الاداء الاعلامي الرسمي خلال الحملات الانتخابيه قريبًا من الموضوعيه والحياديه، فيما عدا برامج حواريه مرتبطه بمقدمين معدودين، فان وسائل الاعلام الخاص قد ساندت علي نحو واضح المرشح "عبد الفتاح السيسي"، فيما عدا برامج حواريه معدوده مرتبطه ببعض مقدميها، كما يُسجل انه بينما التزمت بعض وسائل الاعلام الخاصه بالشفافيه في اعلان انحيازها، لم يلتزم البعض الاخر بذلك.
وقد انقسمت وسائل الاعلام العربيه والاجنبيه في تناولها للاحداث في مصر، فيما يراه العديد من الخبراء التصاقًا بالمواقف السياسيه لدولها او مالكيها، وبالاضافه الي بعض اوجه القصور والخروقات التي سجلها المراقبون، فقد تدنت نسب الاقبال عن التوقعات الشائعه، حيث لم تتجاوز بتقديرات المراقبين 36٪ بختام اليوم الثاني، وهو ما قاد الي قرار اللجنه العليا للانتخابات الرئاسيه لمد فتره التصويت ليوم ثالث بغرض تعزيز نسبه المشاركه، وهو ما لقي اعتراضًا رسميًا من كلا المرشحين.
ويمكن ان يُعزي ضعف الاقبال الي عدد من الاسباب، يمكن ايراد ابرزها فيما يلي:
1-  اجراء الانتخابات بين مرشحين اثنين فقط؛ بما اضعف مستويات التنافسيه، والشعور العام بان المعركه محسومه مسبقًا، مع وضوح الميل المجتمعي لصالح المرشح "عبد الفتاح السيسي".
2-  ارتفاع المخاوف من الارهاب، وخاصه خلال الشهر الجاري مع الازدياد في اتباع التنظيمات الارهابيه للتفجيرات الانتحاريه التي تشكل ظاهره جديده في مصر، وانتشار الاخبار المترافقه مع الشائعات خلال اليوم الاول من التصويت حول انفجار عبوات ناسفه وابطال اعداد كبيره من عبوات اخري في محيط المراكز الانتخابيه. ونال التهديد الامني بصفه خاصه من الاقبال في صعيد مصر، وخاصه في جنوب الجيزه ومحافظات الفيوم وبني سويف والمنيا.
3-  وقوع مواجهات متنوعه بين قوات الامن وتجمعات لانصار جماعه الاخوان في بعض المناطق، وخاصه في الجيزه والشرقيه والبحيره والاسكندريه.
4-  رفض الحكومه منح العاملين في الدوله والقطاع العام اجازه رسميه خلال يومي التصويت، وعدولها عن رفضها مع ختام اليوم الاول لتفادي ضعف نسبه الاقبال.
5-  عزوف جمهور التيار الديني عن المشاركه في ظل انقسام فصائله بين تنظيم جماعه الاخوان وحلفائهم المناوئين للمسار الانتقالي الثالث، وبين مؤيدين لثوره 30 يونيو 2013، وهو جمهور يمثل رقمًا مهمًا في عمليه التصويت في الاستحقاقات الانتخابيه.
6-  عجز اللجنه العليا للانتخابات الرئاسيه عن معالجه مشكله مشاركه الوافدين المقيمين في محافظات تبعد عن محافظاتهم الاصليه المسجلين فيها، وفي بلد تتزايد فيه الهجرات الداخليه بسبب الاوضاع الاقتصاديه بالغه السوء، ولكن تتمسك اللجنه العليا باجراءاتها لتجنب الاتهامات لها بعدم النزاهه في ظل مناخ الاستقطابات السياسيه المتواصله. ويُذكر ان الالحاح السياسي والاعلامي علي مد التصويت ليوم ثالث كان يتصل بالاساس بمعالجه مشكله الوافدين، ولكنها بقيت دون حل حتي الان.
7-  تغيير المراكز الانتخابيه المتعارف عليها لاعداد كبيره من الناخبين الي مراكز اخري، وصعوبه التنقل والوصول اليها، وخاصه في ظل المخاوف من الحاله الامنيه في البعض منها.
8-  مثل الاستحقاقات الانتخابيه السابقه، تواصلت ظاهره ضعف الاقبال في المناطق الحدوديه التي تعاني تهميشًا وحرمانًا من التنميه.
وقد شهدت مجريات التصويت العديد من اوجه القصور والخروقات التي جرت بشكل جزئي وسجلها المراقبون وايدتها مصادر المنظمه، وان كانت لا تنال من نزاهه العمليه الانتخابيه حتي مساء اليوم الثاني، ومن ابرز الملاحظات:
1-    التاخر في فتح كثير من اللجان الفرعيه بين 10 دقائق وساعه كامله.
2-    غياب كشوف الناخبين الارشاديه في المراكز الانتخابيه.
3-    غياب المنسق الاداري لصفوف الناخبين خلال فترات الاكتظاظ التي شهدتها فترات الصباح الباكر والساعات الختاميه من التصويت.
4-    استمرار العديد من ملصقات ولافتات الدعايه الانتخابيه في محيط العديد من المراكز الانتخابيه.
5-    قيام انصار المرشحين بالدعايه في محيط العديد من المراكز الانتخابيه دون تصدٍّ امنيّ لها في ضوء عدم توجيه القضاه المشرفين لمنعها في كثير من الاحيان.
6-    عدم السماح للمراقبين المحليين بدخول بعض المراكز الانتخابيه رغم توافر التصاريح اللازمه لهم.
7-    عدم السماح لبعض مندوبي المرشح "حمدين صباحي" بدخول بعض المراكز الانتخابيه خلال الساعات الاولي من اليوم الاول رغم توافر التصريح اللازم.
8-    عدم وجود لائحات ارشاديه للمعاقين سمعيًا، وعدم مراعاه توافر التصويت بلجان بالدور الارضي للمعاقين حركيًا.
9-    عدم تحديد اليه واضحه لمساعده الاميين الذين يبلغون قرابه النصف من الناخبين.
10-  محاوله طواقم بعض اللجان الانتخابيه التاثير علي الناخبين خلال الادلاء باصواتهم، وقد قامت اللجنه العليا باستبعاد البعض منهم خلال اليوم الاول واستبدال بهم موظفين احتياطيين.
11-    قيام بعض رؤساء اللجان بوقف التصويت لبعض الوقت دون اسباب واضحه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق